COP 30 قمة بيليم بعد ثلاثة عقود... هل تتجاوز إرادة "الأمازون" الانتكاسة المناخية وغياب واشنطن؟


الجمعة 7 نوفمبر 2025
COP 30 قمة بيليم بعد ثلاثة عقود... هل تتجاوز إرادة "الأمازون" الانتكاسة المناخية وغياب واشنطن؟

بيليم، البرازيل –الشبكة العربية للصحافة العلمية:

أحمد ردمان الشميري

 ثلاثة عقود مضت منذ أن التقت دول العالم في برلين عام 1995 لإطلاق أول مؤتمر للأطراف (COP 1)، إيذاناً ببدء مفاوضات المناخ العالمية لمواجهة خطر الاحترار. اليوم، وفي الذكرى الثلاثين لانطلاق هذه المسيرة، تتركز أنظار العالم على مدينة بيليم البرازيلية الواقعة على مصب نهر الأمازون، حيث انطلقت القمة التمهيدية لـ مؤتمر الأطراف الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP 30). هذا التجمع الذي أطلق عليه الرئيس البرازيلي اسم "مؤتمر الحقيقة"، ينعقد في لحظة تُوصف بأنها الأكثر حرجاً على الإطلاق، لكنه يحمل رسالة واضحة: الأمل في إنقاذ الكوكب ما زال قائماً بقوة، حتى في ظل تحديات الانقسام الدولي.

ويأتي انعقاد قمة بيليم في ظل غيابٍ لافت ومؤثر، حيث اختارت الولايات المتحدة الأمريكية، تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب، أن تُبقي مقعدها فارغاً، مؤكدة خروجها من اتفاق باريس وامتناعها عن إرسال أي مسؤول رفيع المستوى. ورغم المخاوف من تراجع الزخم الدولي، فإن الحضور المكثف لقادة الدول الاسيوية والأوروبية والعربية ودول الجنوب العالمي في قلب "الرئة الخضراء" للعالم يؤكد إصرار المجتمع الدولي على المضي قدماً نحو تحقيق نتائج ملموسة.

الإنذار الخطر : بيليم تلتقي بعد تجاوز 1.5 درجة مئوية

تحذيرات الأمين العام: "فشل أخلاقي وإهمال مميت"

أطلق الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، تحذيرات قاسية في افتتاح القمة، مُسلطاً الضوء على المسؤولية الملقاة على عاتق القوى العالمية.

افتتح غوتيريش التجمع بانتقادات لاذعة للقوى العالمية التي قال إنها "لا تزال أسيرة لمصالح الوقود الأحفوري، بدلاً من حماية المصلحة العامة". وأكد أن الوقت يضيق أمام اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة لمنع أسوأ آثار تغير المناخ.

وحذر غوتيريش من أن السماح للاحترار العالمي بتجاوز الحد المرجعي الرئيسي البالغ 1.5 درجة مئوية، سيُمثل "فشلاً أخلاقياً وإهمالاً مميتاً". وأضاف: "حتى التجاوز المؤقت ستكون له عواقب وخيمة... فكل جزء إضافي من الدرجة يعني المزيد من الجوع والنزوح والخسائر".

تنعقد قمة القادة التي تستمر يومي الخميس والجمعة، 6 و7 نوفمبر، قبل الافتتاح الرسمي لـ "كوب 30" في 10 نوفمبر الجاري، على خلفية تقارير علمية مخيفة:

             تجاوز الحد الأقصى: تجاوزت درجات الحرارة بالفعل عام 2024 الحد الأقصى البالغ 1.5 درجة مئوية للاحتباس الحراري العالمي فوق مستويات ما قبل الصناعة، وهو الهدف الذي حدده اتفاق باريس لعام 2015.

             كارثة وشيكة: أكد تقرير حديث لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة أن الخطط الحالية للدول ستؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار يتراوح بين 2.3 و 2.5 درجة مئوية. ويُحذر الخبراء من أن الوصول إلى هذا المستوى سيؤدي إلى زيادة هائلة في الطقس المتطرف وأضرار "مدمرة" للنظم البيئية الرئيسية.

  •ارتفاع الانبعاثات: رغم التعهدات، تستمر انبعاثات الميثان العالمية في الارتفاع، مع توقعات بزيادتها بنسبة 30% على الأقل عن مستويات عام 2020 بحلول عام 2030.

غياب واشنطن وتحدي زعماء العالم:

شكل الغياب الأمريكي، الذي وصفه الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو بـ "الخطأ 100%"، نقطة محورية في اليوم الأول من القمة. ورغم الغياب الأمريكي، يتولى قادة أوروبيون بارزون زمام مواجهة التحدي، ومنهم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذين يشاركون في القمة التمهيدية. كما أرسلت الصين نائب رئيس وزرائها دينغ شيوشيانغ، لتبرز بذلك الأقطاب الدولية الملتزمة بالعمل المناخي.

الالتزام العربي: حضور مؤسساتي وتاريخي في قمة المناخ 

على صعيد المشاركة العربية، تحظى قمة بيليم بحضور عربي رفيع ومهم، حيث تبرز مشاركة دول كالمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وقطر، وعدد من الدول العربية، التي لا تكتفي بالحضور الدبلوماسي فحسب، بل تُخصص أجنحة تفاعلية في المؤتمر لعرض مبادراتها وخططها الوطنية للطاقة النظيفة والحياد الكربوني، مما يعكس التزاماً مؤسساتياً راسخاً تجاه أجندة المناخ العالمية.

وفي سياق متصل، تحظى القمة بمشاركة رئاسية عربية ، حيث يشارك الرئيس السوري أحمد الشرع في أعمال القمة، في زيارة رسمية تشمل لقاءات ثنائية. ووفقاً لوكالة الأنباء السورية (سانا)، تُعدّ مشاركة الرئيس الشرع الأولى لرئيس سوري في مؤتمر المناخ منذ تأسيسه عام 1995، مما يسلط الضوء على الأهمية المتزايدة التي توليها المنطقة لقضايا المناخ. 

🇧🇷 "مؤتمر الحقيقة": دعوة برازيلية للوفاء بالوعود

يسعى الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا إلى استغلال استضافة القمة في الأمازون لتكون بمثابة "مؤتمر الحقيقة" وتهدف إلى تحقيق نتائج ملموسة، منتقداً "عدم اتخاذ إجراءات بشأن اتفاقيات المناخ السابقة".

             الوفاء بالتعهدات: حثت البرازيل الدول على التخلي عن فكرة تقديم وعود جديدة، والوفاء بدلاً من ذلك بمئات التعهدات التي قُدمت بالفعل، خاصة فيما يتعلق بتمويل حلول الحد من الانبعاثات وتكييف الدول الفقيرة.

             حماية الأمازون: في كلمته المؤثرة (نقلاً عن AP)، حذر لولا من أن "نافذة الفرصة المتاحة لنا للتحرك تغلق بسرعة"، وأكد أنه "ليس هناك رمز أعظم للقضية البيئية" من غابات الأمازون المطيرة.

تؤكد قمة بيليم، بغيابها المؤثر وحضورها الواعد، أن الطريق نحو الحفاظ على كوكبنا محفوف بالعقبات، ولكن الرسالة الأقوى القادمة من قلب الأمازون هي أن العمل الجماعي ما زال قادراً على إحداث الفارق، وأن الأمل هو الوقود الحقيقي للمفاوضات التي ستبدأ رسمياً الأسبوع المقبل بمشاركة عشرات الآلاف من نحو 200 دولة.