بعيدًا عن ضجيج المدينة ونمط الحياة التقليدي، اختارت المُهندسة الجزائرية الشابة أحلام البالغة من العمر 24 عامًا، خوض غِمار التحديات في مجال الزراعة، سعيًا منها لإحداث ثورة حقيقية تُساهم في تحقيق الأمن الغذائي وزرع بذور التغيير لمستقبل مستدام لبلادها وللعالم.
ترى أحلام أن التعاون بين الباحثين والمزارعين والمطورين يُعد مفتاح النجاح في التصدي للتغيرات المناخية وتحقيق الزراعة الذكية، وتؤكد على ضرورة تشجيع المزارعين على استخدام التكنولوجيا الحديثة لزيادة الإنتاجية.
لم يكن شغف أحلام بالزراعة مجرد هواية عَابرة، بل كان دافعًا قويًا لها للبحث عن حلول مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية. لم تكتفِ أحلام بالبحث والعناية بالحقول، بل سعت جاهدةً لدمج شغفها بالزراعة مع حبها لتكنولوجيا المعلومات، فأصبحت عضو مؤسسة لشركة ناشئة (فارم اي – Farm AI) تعمل على تطوير أنظمة ذكية لمراقبة أمراض النباتات ومكافحتها وتحسين واقع المزارعين وتسعى لإحداث ثورة في المجال الزراعي.
توصلت أحلام بومزراق، المتخرجة من المدرسة الوطنية العليا للاتصالات وتكنولوجيا الإعلام والاتصال، هي وفريقها لابتكار تطبيق ذكي مزود بأحدث التقنيات، يتيح لمستخدميه الكشف الدقيق عن الأمراض الفطرية عند النباتات الناتجة عن التغيرات المناخية، مرض "اللفحة المتأخرة عند البطاطا نموذجا".
تلعب التغيرات المناخية دورًا كبيرًا في زيادة انتشار الأمراض الزراعية، وخاصة الأمراض الفطرية التي تُصيب مختلف أنواع النباتات، مثل اللفحة عند البطاطا التي تهدد المحاصيل الزراعية.
أمراض فطرية تُهدد الصحة النباتية بسبب تغير المناخ
صورة من موقع freepik.com توضح ظهور أمراض فطرية على النباتات
أصدرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) تقريرًا يُحذر من مخاطر تغير المناخ على صحة النباتات، فإن العالم أصبح يخسر 40 بالمائة سنويًا من المحاصيل الغذائية بسبب الأمراض النباتية، ولا تقتصر هذه الأمراض على منطقة واحدة وإنما تنتشر بسهولة في مناطق أخرى ولمسافات طويلة. يُساهم تغير المناخ في تفاقم هذه المشكلة من خلال ارتفاع درجات الحرارة، مما يضعف مناعة النباتات ويجعلها أكثر عرضة للإصابة بالأمراض الفطرية والبكتيرية. ¹
وحسب التقرير فإن ظروف الاحتباس الحراري تُحفز مسببات الأمراض على التكيف والتطور، مكونة سلالات جديدة أكثر مقاومة للحرارة ومسبية لأضرار أشد. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لتقلب المناخ أن يزيد من احتمالية تعرض النباتات للأمراض الفطرية بسبب الظروف الجوية القاسية.
قالت أحلام عضو مؤسس في مبادرة "فارم أي"، أن فكرتها جاءت من رغبتها في إيجاد حلول لمشكلة اللفحة عند البطاطا، خاصة وان هذا المرض ينتشر بسهولة ويصعب علاجه، وهو أمر يهدد الأمن الغذائي.
وأوضحت أحلام أن استعمال أحدث التقنيات للكشف المبكر عن الأمراض الفطرية يمكن أن يسهل على المزارعين اتخاذ إجراءات سريعة ومناسبة لتفادي أي خسائر.
وفي دراسة نشرت في مجلة " journal of agricultural science" حول تقييم فعالية استخدام مزارعي القهوة في كولومبيا لأنظمة الذكاء الاصطناعي لمكافحة مرض " الصدأ البرتقالي"، وهو مرض فطري يهاجم محصول البن ويسبب خسائر تصل الى 30℅ من أصناف القهوة في المنطقة، وكان الهدف من هذه الدراسة هو تقييم فعالية استخدام أنظمة الرصد المتقدمة في مكافحة هذه المرض لتحسين إنتاجية المزارعين².
ركزت الدراسة على جمع البيانات من عدة مزارع مختلفة من كولومبيا باستخدام الطائرات بدون طيار، وتم تحليل لبيانات بتقنيات الذكاء الاصطناعي للكشف عن إصابة النباتات بمرض الصدأ البرتقالي، وتم اتخاذ إجراءات فورية للحد من انتشاره.
اللفحة المتأخرة مرض فطري يصيب البطاطا
يشرح المهندس والخبير الزراعي محمد باديس، أن اللفحة المتأخرة Mildiou˝״،هو مرض يهاجم البطاطا ويسببه فطر من نوع "Phytophthora infestans"، يصيب تقرحات على الأوراق، وينتقل هذا المرض عبر الرياح. ويمكن أيضا انتقاله عبر رذاذ الماء والمعدات الزراعية، أو حتى عن طريق زراعة بذور مجاورة مصابة بالمرض.
وأشار الخبير الى أهمية فهم الظروف المناخية الملائمة لتطوير المرض، حيث يفضل هذا الفطر الانتشار عند ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة، وتظهر أعراض الإصابة على النباتات عبر بقع بنية تحاط بحلقة خضراء أو صفراء على أطراف الأوراق ومن الجهة العليا بقابلها عفن قطني أبيض على الحواف. يتطور المرض بسرعة، مما يؤدي الى اصفرار وجفاف الأوراق والقضاء على النباتات خلال فترة قصيرة على الساق.
أكد باديس على ضرورة اتخاذ إجراءات وقائية ومكافحة فعالة لمنع انتشار المرض لأنه يعتبر تهديدا كبيرا لمحاصيل البطاطا، حيث يمكن أن يتسبب في خسائر كبيرة في الإنتاج إذا لم يتم مكافحته بشكل فعال.
وأثبتت دراسة حديثة نشرت في مجلة (Potato Research) أن تغير المناخ له تأثير كبير على زراعة البطاطا في كوريا الجنوبية، وتأثير ظاهرة الاحتباس الحراري على محاصيل البطاطا الربيعية والصيفية، باستخدام 24 نموذجا للتدوير العام. توقعت الدراسة زيادة إنتاج الدرنات بنسبة 20℅ بدون تعديل تاريخ الزراعة بفضل تأثير التسميد بثاني أكسيد الكربون.³
وكشفت الدراسة أن تعديل تاريخ الزراعة كان له تأثير كبير على البطاطا الربيعية، حيث يمكن أن يزيد الإنتاج بنسبة تصل الى 60℅. وأشارت النتائج إلى أهمية تطوير أصناف تتحمل الصقيع والحرارة لتكييف زراعة البطاطا مع تغير المناخ. يسلط البحث الضوء على أهمية أصناف البطاطا المقاومة للمناخ كحل أساسي لمستقبل زراعة البطاطا في كوريا الجنوبية.
״إن الآفات النباتية هي المسؤولة عن فقدان حوالي 40℅ من المحاصيل الغذائية العالمية، وهي المسؤولة عن الخسائر في المنتجات الزراعية بما تتجاوز 220 مليار دولار سنويًا״
رقمنة الزراعة "فارم اي - Farm AI "
فارم أي مبادرة شبابية تقدم حلولاً ذكية مبتكرة باستخدام الذكاء الاصطناعي، تركز على الكشف وتشخيص الأمراض في النباتات، مع التركيز على الأمراض الفطرية في الحقول الزراعية، تُقدم حلولاً فعالة للفلاحين لمواجهة الأمراض بسهولة وبسرعة.
جاءت فكرة المبادرة، كما توضح أحلام بومزراق، خلال مشاركتنا في برنامج " بذور المستقبل 2022"، حيث تم تطوير مشاريع تُركز على القضايا البيئية وتوظيف التكنولوجيا لإيجاد حلول مبتكرة، لمكافحة مشكلة صدأ القمح التي أثرت سلبًا على 22℅ من المحصول في تلك السنة.
تعتمد المبادرة على تطبيق ذكي يتيح للمزارعين التعرف على نوع الفطريات المسببة للأمراض، وذلك من خلال التقاط صورة للنبات المصاب. يقدم التطبيق أيضا توصيات علاجية مخصصة لكل نوع من الفطريات، باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة.
تحصلت الشركة الناشئة "فارم أي" على المرتبة الثانية عالميًا فيما بين 12 ألف متسابق من عدة جنسيات في المسابقة العالمية للشركات الناشئة (Tech4Good)، بعد توصلها لعرض حل مبتكر بالاستعمال الذكاء الاصطناعي لمشكلة "صدأ القمح".
وتضيف المهندسة أحلام " لقد تلقينا رسالة تهنئة مفرحة من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، ثمن فيها هذا التتويج المشرف".
عبرت أحلام عن فرحتها بهذا التتويج، قائلةً: " إن هذا الابتكار الجديد مكَننا من تأسيس مؤسسة ناشئة، نجحنا ورفعنا الراية الوطنية في المحافل الدولية هو ما حفزنا على العمل بجد أكبر وتطوير هذا الابتكار. لقد بذل 7 شباب من مختلف ولايات الوطن جهودًا جبارة في سبيل إيجاد حلول للتكيف مع الأمراض الفطرية التي تصيب النباتات.
تطبيق فارم أي للكشف عن أمراض النباتات
يُتيح هذا التطبيق إمكانية فحص الصور المسجلة وحفظها كمرجع للمستقبل، يُعد هذا التطبيق أداة قيمة للفلاحين الذين يواجهون صعوبة في الحصول على تشخيصات دقيقة، حيث يُمكنهم استخدامه للحصول على رأي ثانِ في حال وجود أي شكوك، وتعتمد تقنية التعرف الصور في هذا التطبيق على مفهوم الشبكات العصبية الاصطناعية.
كما يسمح هذا التطبيق إلى تحديد البيانات الملتقطة من الحقول لتحديد أنماط الإصابة بفطريات اللفحة عند البطاطا، وهذا عن طريق استخدام التعلم العميق لتصنيف صور الأوراق المصابة.
وشرحت أحلام طريقة التقنية المطورة بالذكاء الاصطناعي التي تستعدي التقاط صور أوراق النبتة التي تسمح لهذه التقنية التعرف وإعادة تدريب الشبكة وتشغيله على الهاتف الذكي.
وأكد بدوره الخبير والمستثمر الفلاحي إبراهيم جرايبية أن ظهور أمراض نباتية جديدة أصبحت تُهدد المحاصيل وتُسبب خسائر فادحة للمزارعين، لهذا بات واضحًا منذ فترة أن مجال الزراعة بحاجة لدعم الأدوات الرقمية ومشاركة الشباب الجزائري للنهوض ومواكبة أحدث التطورات والتقنيات، لمواجهة المشاكل البيئية في القطاع الزراعي.
التكنولوجيا الحديثة في مجال الإنتاج الزراعي
بخصوص الاستعانة بالتكنولوجيات الحديثة في الكشف عن أمراض النباتات وتفادي أي خسائر يقول الخبير الزراعي باديس " يجب التركيز على التكنولوجيا الحديثة، واستخدام أجهزة استشعار الرطوبة ودرجة الحرارة والطائرات بدون طيار، لتفادي أي كوارث وخسائر محتملة، تُساعد تطبيقات الهاتف المزارعين على تشخيص أمراض النباتات بدقة وتحديد العلاجات المناسبة"، مثل تطبيق "فارم أي" يتيح الكشف عن أمراض النباتات ومكافحتها قبل انتشار الآفات، والتعرف على أحوال الطقس، وإدارة المحاصيل".
يضيف الخبير الزراعي قائلا " بصفتي مهندس زراعي وخبير في المجال أوصي بشدة الفلاحين باستعمال هذا التطبيق في الوقت الذي يتم ارسال فيه التنبيهات، لأنه فعال في تقديم حلول لمكافحة الأمراض خاصة أنه سهل الاستعمال، ويحتوي على جميع البيانات التي تحدد أمراض المحاصيل ".
ودعا جرايبية إلى ضرورة التكيف مع هذه التغيرات من خلال تبني التكنولوجيا الزراعية والتركيز على "الزراعة الذكية"، موضحا أنها توفر حلولاً لمواجهة تقلبات الطقس، مثل نظم الري الذكية، والتطبيقات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وأنظمة المراقبة عن بعد عن طريق درون.
وأكد المتحدث أن استثمار الجزائر في ابتكارات التكنولوجيا الزراعية هو استثمار في مستقبلها الغذائي، وأضاف أن ذلك يساعد على ضمان الإنتاج الزراعي المستدام، وتعزيز الأمن الغذائي، للحفاظ على صحة البيئة وتشجيع الشباب للعودة الى الزراعة وابتكار مشاريع رقمية.
الآثار البيئية للتكنولوجيا
في الحديث عن استخدام أدوات التكنولوجيا لمكافحة أمراض النبات، من الضروري الإشارة إلى تقييم تأثيرها على البيئة لضمان تحقيق استدامة على المدى الطويل. بينما تقدم التقنيات الحديثة حلولاً فعالة لمشاكل الزراعة التقليدية، لابد الاخذ بعين الاعتبار التحديات البيئية التي قد تنجم عنها.
تعتمد هذه الأدوات والتطبيقات الحديثة على استخدام تقنيات عديدة تتطلب كميات كبيرة من الطاقة لتشغيل أجهزة الاستشعار ومراكز البيانات، يمكن أن يؤدي هذا إلى زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتلوث الهواء، مما يشكل تهديدا على البيئة. وتتضمن تقنيات مكافحة أمراض النبات استخدام مواد وأجهزة الكترونية أخرى، مما يزيد من كمية النفايات الالكترونية التي تتراكم مع مرور الوقت، ويمكن أن تشكل أيضا مشكل بيئي نظرا لصعوبة تدويرها ومعالجتها بشكل صحيح.
ولمواجهة هذه التحديات، يمكن اتخاذ بعض الحلول مثل استخدام الطاقة المتجددة لتشغيل مراكز البيانات والأجهزة الالكترونية الأخرى، كما يمكن تطوير تقنيات تعتمد على أساليب التحكم البيولوجي أو حتى الزراعة العضوية لتقليل من المواد الكيميائية الضارة.
صورة لهيئة أبو ظبي للزراعة والسلامة الغذائية
التكنولوجيا الزراعية: التحديات والحلول
تعتبر التكنولوجيا المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي والطائرات بدون طيار أدوات قوية لتحسين الإنتاجية والكفاءة في قطاع الزراعة، إلى أن التكلفة العالية للحصول على هذه التقنيات قد تكون عائقًا كبيرًا أمام المزارعين الصغار.
تعد هذه التكنولوجيات الجديدة استثمارًا كبيرًا، وبالتالي فهي تزيد من الفجوة بين المزارعين الأغنياء والفقراء إذا لم تتوفر بشكل متساوي، وهذا يزيد من تحديات الوصول الى السوق وتحسين الدخل في القطاع الزراعي.
يمكن لمشاريع التكنولوجيا الزراعية، مثل تطبيقات الهواتف الذكية مثل " فارم أي" أن تُقدم حلولًا تكنولوجيا ميسورة التكلفة وسهلة الاستخدام للمزارعين من جميع المستويات، مما يُساهم في سد الفجوة التكنولوجية وتعزيز الوصول إلى ممارسة الزراعة الذكية.
الأمراض الفطرية الأخرى التي تصيب نبات البطاطا
يتعرض محصول البطاطا خلال مراحل نموه للإصابة بالعديد من الأمراض والتي تؤدي الى خسارة المحصول وجودته، مما يجعله غير صالح للتسويق. هذه الأمراض قد تكون ناجمة عن العوامل الحشرية أو البكتيرية أو الفطرية كما ذكر الخبير في المجال الزراعي. بالإضافة الى ذلك فهناك عدة أمراض فطرية أخرى تهاجم نبات البطاطا، بما في ذلك:
يمكن لاختلال التوازن البيئي أن يسبب في ظهور امراض فطرية وحشرات جديدة تسبب في تدمير المحاصيل الزراعية، بما فيها البطاطا والطماطم في غضون أيام إذا تركت دون علاج، وبتالي تزيد أسعارها في السوق المحلية. تشير التقديرات الى أن خسائر الغلة الناتجة عن اللفحة المتأخرة وتكلفة كل التدابير المكافحة تقدر بـ 6.7 مليار دولار سنويا، حيث يشكل هذا المرض تهديدًا كبيرًا في جميع أنحاء العالم. 4
ذكرت الاتفاقية الدولية لوقاية النباتات (IPSS) أن الآفات النباتية تهدد الأمن الغذائي وتسبب في إتلاف المحاصيل البطاطا والطماطم مما يجعل الغذاء أقل توفرا وندرة وأكثر تكلفة، حيث تسبب بعض الحشرات مثل " دودة الحشد الخريفية" والتي تتغذى على 80 نوعا نباتيًا في خسارة محاصيل بقيمة 9.4 مليار دولار سنويا. 4
وفي دراسة أجرها باحثون تحت عنوان " إستراتيجيات التكيف التي وضعها مزارعو البطاطا لمواجهة تأثيرات تغير المناخ في مصر"، أظهرت الدراسة أن تقلب المناخ كان له تأثيرات كبيرة على البطاطا في مصر خلال الخمسة عشر عاما الماضية، وتشير الدراسة الى أن شهور ديسمبر ويناير هي الأكثر خطورة لنباتات البطاطا في مصر، حيث لا تستطيع النباتات تحمل درجات الحرارة المنخفضة خلال هذه الفترة.5
ولمواجهة تحديات تغير المناخ اعتمد مزارعو البطاطا في مصر على استراتيجيات التكيف على سبيل المثال، قاموا بتعديل مواعيد الري لتجنب تأثيرات درجات الحرارة المرتفعة، باستخدام تقنيات الري بكميات منخفضة مع كميات صغيرة من حمض الأمونيا لتعزيز مقاومة النباتات. كما قاموا بتسييج المزارع وإجراء تعديلات في مواعيد الزراعة بين الأول من أكتوبر وحتى نهاية نوفمبر لتقليل مخاطر الفيضانات والتخفيف من تأثير أمراض البطاطا الجديدة.
الاحتياجات المناخية لزراعة ونمو البطاطا
تتطلب زراعة البطاطا بيئة محددة لضمان نموها الصحي وإنتاجها الجيد، يجب أن تكون درجة الحرارة المثلى لنمو البطاطا بين 18◦ الى 22◦ درجة مئوية، حيث تتمثل هذه الظروف في البيئة المثالية لتطور النبات.6
بالإضافة إلى ذلك، تحتاج البطاطا الى كميات كبيرة من الضوء خلال مراحل نموها، حيث يؤثر الضوء بشكل كبير على عملية تخزين النشا في الدرنات، لهذا من الضروري توفير الإضاءة الكافية للبطاطا خلال فترة نموها.
أما بالنسبة للتربة المناسبة لزراعة البطاطا، فتتطلب تربة ذات درجة حموضة معينة تتراوح بين 1.1 و6.5 تكون هذه الدرجة مناسبة لتحقيق نمو البطاطا وزيادة إنتاجها.
״تعتبر البطاطا ثالث أكثر المحاصيل الغذائية استهلاكًا في العالم، بعد القمح والأرز، يؤدي تنوع البطاطا دورا مهمًا في الأمن الغذائي.˝
موسم زراعة البطاطا في الجزائر
تختلف مواعيد زراعة البطاطا في الجزائر عن البلدان الشمالية التي يتم زراعتها خلال موسم واحد، حيث يتم زراعتها وفقا لثلاثة أنواع من الزراعة وهي:
· المبكرة: الزرع من نوفمبر إلى جانفي
· الموسمية: الزرع من جانفي إلى مارس
· متأخرة الموسم: الزرع من أوت إلى سبتمبر
تبلغ المساحة الاجمالية المتخصصة لإنتاج البطاطا في الجزائر حوالي 180000 هكتار (2020)، ويمكن زراعة البطاطا في أي منطقة وفي مواسم الزرع في 25 ولاية ما يقارب 55℅ من المساحة المنتجة للبطاطا، بشرط عدم وجود الجفاف والصقيع وارتفاع درجات الحرارة. 6
بينما يبلغ الإنتاج السنوي للبطاطا بنحو 50 مليون قنطار في نفس السنة لتفوق الجزائر بهذا على كل من مصر والمغرب وتحتل المرتبة الأولى إفريقيا وتمثل الولايات الآتية المراتب الأولى للإنتاج الوطني:
جدول يوضح الولايات الأولى المنتجة لمحصول البطاطا (2020)
وحسب التقارير الصادرة عن وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، يبلغ إنتاج البطاطا حوالي 50 مليون قنطار سنويا، أي بقيمة مالية تقارب 505 مليون دينار، وقد تضاعف انتاج البطاطا أربع مرات تقريبا منذ إطلاق خطط الدعم الزراعي واستخدام التكنولوجيا الزراعية. 6
ووفقا لبيانات " فاو" فإن قيمة إنتاج الخضروات في الجزائر سنة 2023 بلغت 23 مليار دولار، واحتلت المرتبة الثانية عربيا بعد مصر في المركز الأول بـ 27 مليار دولار.
وحسب وزارة الفلاحة فان القطاع الفلاحي يساهم بـ 14.7 ℅ من الإنتاج المحلي، مما استقطب أكثر من ربع اليد العاملة من 2.7 مليون عامل. وأوضحت الوزارة ان قيمة الإنتاج الفلاحي لعام 2022 قدر بـ 35 مليار دولار.
في الوقت الذي تتمتع فيه الجزائر بمكانة متقدمة على المستوى الدولي من حيث قدراتها على الإنتاج الزراعي، تُلقي التغيرات المناخية بظلالها على هذا القطاع الحيوي، وتسبب نقصًا في إنتاج البطاطا في بعض ولايات الوطن.
حيث تؤدي الظواهر المناخية، مثل الجفاف